همس الحروف.. غفوة الشعب السوداني ، وضعته على حواف الإنهيار الشامل*✍️ *الباقر عبد القيوم

**هذه الحرب المستعرة في السودان و التي دخلت عامها الثاني كانت ضد وجوديته و إنسانه ، وضعت البلاد على حافة الانهيار الشامل ، و فرضت عليه تداعياتها ظروف اقتصادية استثنائية ، و هذا خلاف الخسائر البشرية و المادية الهائلة التي يصعب وضعها في أرقام ، لأن الحرب هدمت كل البنية التحتية لبلادنا ، وقد أسفرت عن أزمة إنسانية عميقة لها تأثيرات ضخمة على كل قطاعات الاقتصاد السوداني تسببت في خفض إيرادات الدولة بنسبة تفوق ال 90% ، ولا يزال التدهور مستمراً ، و من المؤكد أن فاتورة الحرب قد تكون أكبر بكثير من كل التكهنات و أن التكلفة المادية الحقيقية لن تتضح إلا بعد أن تضع الحرب أوزارها .لا شكّ في أن العوامل الاقتصادية التي تمر بها بلادنا حالياً تؤثّر تأثيراً مباشراً في جميع النتائج السياسية المرتبطة بكامل سياسات الدولة ، و لهذا نجد أن عجز الدولة في مسألة توفير الموارد أثناء فترة الحرب و ضعتها في موضع عجز شديد في سد كثير من الفجوات الضرورية ، و يأتي علاوة على ذلك غياب العملية السياسية الراشدة على الصعيد الوطني و غياب العقلاء عن الساحة مما يعمق ذلك من هذه الفجوات ، و يزيد من حدتها و يعمق جذورها ، و نجد أن الصراعات الجانبية ستورد البلاد مورد الهلاك ، و كذلك لابد من الإلتفات إلى حالة الخنق الدولي للحكومة الحالية الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية و دول الإتحاد الأروبي ، و التي تتبناها قوى (قحط) و (تقدم) ، و هذا ما سيضع البلاد في أزمة سياسية و دبلوماسية و سيدفع فاتورة هذا التناطح الشعب السوداني المكلوم ، و ما جاء على لسان الرجل الثاني في الدولة السيد مالك عقار يؤكد عمق هذه الأزمة و كيفية الخطاب الذي تستخدمه الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الأزمة السودانية ، و كذلك بالمقابل نجد أن إستنكار هذا السلوك الإستعلائي من قبل نائب رئيس مجلس السيادة مطلوب في هذه الأثناء و هذه المرحلة إلا أن خطابه السياسي التلقائي جاء فقيراً تجاه المعيار الدبلوماسي و لم يكن موفقاً في عبارته الشهيرة ب (لا جدة و لا جداد) .من المؤكد أن جميع أفراد هذا الشعب يتمنون اليوم قبل الغد إنتهاء الحرب ، و لكن ليس بأي (صيغة) ، و لهذا يجب أن تعلم جميع النخب السياسية التي تعيش في حالة من حالات التوهان و التشرزم و التباين ، بأن الشعب السوداني بعد الحرب يختلف تماماً عما كان عليه قبل الحرب ، و لا و لن يقبل أبداً بوجود المليشيا التي انتهكت كل المحرمات و تخطت كل الخطوط الحمراء ، في أي فقرة من فقرات الحل السياسي و لن يمرر أي إتفاق يأتي بهادمي الدولة السودانية و إعادة تدويرهم مرة أخرى في العملية السياسية ، و إذا تم توقيع هذا الإتفاق في أي دولة من دول العالم ، فلن يكون ذلك إلا حبراً على ورق و لن يقبل الشعب بذلك ، فعلى الذين يجلسون في مصاطب النخب المخملية و يتحدثون عن السودان و شبابه بتلك المعلومات القديمة أن يراجعوا حساباتهم و إن يصححوا معلوماتهم و خصوصاً الذين خرجوا من السودان عند اندلاع الحرب و لا يعلمون أن الحرب غيرت إنسان السودان ، و لذلك على الذين يعيشون بأفكارهم القديمة أن يغيروا آخر صورة ذهنية لهم عن الشعب السوداني ، لان المواقف تغيرت و ان المعايير إختلت مما كانت عليه ، و وعي الشعب إختلف 180 درجة عن سابقه ، و لهذا يجب ان يعلم الجميع : أن المواطن السوداني قبل الحرب هو ليس ذلك القديم بعد الحرب ، و أقول لكل الذين فوضوا أنفسهم من تلقاء أنفسهم لينوبوا عن السودانيين في كل المنابر السابقة و اللاحقة ، أفعلوا ما شئتم أن تفعلوه و أشركوا معكم كل من أردتم إشراكه ، فإن الشعب السوداني قد فاق من غفوته و لن يكون إمعة بعد هذا الدرس القاسي و لن يسمح لنفسه مرة أخرى ان يكون فأر لتجاربكم الفاشلة ، و كما لن يسمح بمرور إلا ما يريد ، و يجب أن يكون في علم الجميع أن عودة المليشيا أو أي أحد من الذين عاونوها أو شايعوها إلى المشهد مرة أخرى خط أحمر و من سابع المستحيلات، و لن يتحقق ذلك إلا على جثث الشعب باكمله .فهزيمة العدو ليست بالبندقية وحدها و تجيش الجيوش ، و لكن بالضرورة ان يشارك الشعب بمختلف مكوناته في دفع عجلة الإقتصاد و رفع الإنتاج و لن يأتي ذلك إلا بمشاركة الجميع ، و خصوصاً أن بلادنا تقع تحت جذوة تنافسات إقليمية ودولية حادة ، و هذا ما ثبت للجميع بالتجربة العملية و خصوصاً اليوم أصبح الجيواقتصادي عاملاً مهماً في التنافس الجيوسياسي لتحقيق بعض المآرب الجيوسياسية.، و لهذا من المستبعد أن يحدث استقراراً مستداماً في بلادنا في ظل هذه الظروف الحالية ما لم تقترن كل الحلول المطروحة بوعي سياسي كبير و بإحساس وطني عميق و بذوق إنساني متفرد ، و بصدق و شفافية ، و كذلك لابد من إنهاء كل حالات التشرزم الوطني الحادة التي تمر بها بلادنا و خصوصاً أنه لا يمكن إطلاق أي عملية سياسية أو تحقيق استدامتها من دون انخراط دول خارجية معنا ، و جهات محايدة في إنهاء هذه الحرب ، لان نخبنا السودانية غير قادرة على التوافق أبداً ، و هذا ما يأزم حالة بلادنا .و الله المستعان

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.