أزمة الدبلوماسية السودانية ، التحديات في تعزيز العلاقات الإقليمية و تجاوز حالة العزلة*✍️ *د. الباقر عبد القيوم

☘️🌹☘️*همس الحروف

ملف العلاقات الدولية من الملفات الحساسة للغاية ، و التعامل معها يتطلب الحساسية و الوعي و الدقة و الحكمة ، و الحديث فيها يتطلب أختيار العبارات و الألفاظ التي تعبر عن المواقف بدقة فيجب ألا تحمل الكلمات إزدواجية المعايير لتجنب الالتباس و سوء فهم الطرف الآخر ، و لهذا يجب إستخدام لغة واضحة بصورة تعكس الإحترام و التقدير لكل الأطراف ، (المقصودة بالحديث و المراقبة) ، من أجل المحافظة على حدود الإحترام المتبادل ، فالحديث الذي يخرج عن دائرة المسؤولية و الكلام المتهورة يتسبب في إحداث شروخ قد تؤثر بشكل كبير على الاستقرار والتعاون بين الدول ، فالتعامل مع هذه العلاقات يتطلب الاحترام المتبادل و الحفاظ على سيادة الدول و ممثليها و التصريحات والقرارات الدبلوماسية يجب أن تكون مدروسة بدقة لتجنب سوء الفهم .في بعض الأحيان يمكن أن يكون هناك نقص في الوعي لدى بعض الساسة و القادة وذلك يرجع لخلفيته التي أتي منها ، أو لحاضنته العملية التي إكتسب منها ثقافته ، و يجب أن يكون هنالك حساب دقيق بشأن المخاطر المرتبطة بالكلام الجائر في القضايا الدبلوماسية ، و مثل هذه السلوك في الحديث غير المسؤول قد يؤدي إلى ذوبان حدود الإحترام بين الأفراد ، و الدول أحياناً ، و قد يؤثر سلباً على العلاقات بصورة عامة ، و هذا ما إلتمسناه في الحالة السودانية ، فإطلاق تصريحات تقارن بين سفير دولة محترمة بالبيض يمكن أن يكون لها تداعيات خطيرة و هذا النوع من التصريحات قد يُعتبر مسيئاً للغاية و غير لائقاً مهما توفر في ذلك حسن النوايا ، فهذا الأمر يعكس عدم الوعي بكيفية التعامل مع الشؤون الدبلوماسية بشكل مناسب ، فمن المهم في التعامل مع الدبلوماسيين و الوفود الأجنبية إحترام البروتوكولات ، و الآداب ، و الأعراف الدبلوماسية لتفادي الإضرار بالعلاقات بين الدول ، فالتصريحات التي تتضمن مقارنة غير لائقة يمكن أن تؤدي إلى توترات أو التقليل من هيبة الدولة المتحدثة ، لأن الذي يظهر في المحصلة النهائية هو الدولة و ليس المتحدث .بعد الإتصال الذي تم بين رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة و رئيس مجلس السيادة ، حدثت حالة إرتياح عامة ، و تفاءل الناس و إستبشروا خيراً بذوبان كرة الجليد المتدحرجة ، و كان من الممكن أن تلعب الدبلوماسية دورها الطبيعي ، إلا أن دولتنا تعاني من عدم وجود الشخص المناسب فى المكان المناسب ، و كان من الواجب أن تشهد العلاقات بين البلدين تقدماً يخفف من حدة التوترات و يساعد في حلحلة العقد ، و كان من الممكن تصحيح مسار التواصل بصورة أفضل ، و تعزيز الوعي العام حول أهمية هذه العلاقات ، فلابد من التركيز على الجهود الدبلوماسية لتجاوز مثل هذه العقبات ، و تحقيق الأهداف المرجوة بين الدولتين ، إلا أن تصريحات بعض كبار المسؤولين ظلت تسير في نفس إتجاه التصعيد ، فالأزمة السودانية تكمن في القيادة السياسية التي تعتمد في خطابها على المعلومة التي ترد إليها من وسائل التواصل الإجتماعي . في القضايا العالقة يجب ألا يستخدم التصريح الجائر من قبل المسؤولين كوسيلة لانتقاد أو تقريع الطرف الآخر ، وهذا ما يمكن تفسيره على أنه نقص في الوعي أو الجهل بأهمية الدبلوماسية ، فبعض التصريحات غير المسؤولة قد تساهم في تصعيد التوترات بدلاً من تعزيز الحوار البناء ، و تنهي حالة التفاهم ، فلابد من تفعيل دور الدبلوماسية بالإعتماد على الاحترافية و عدم اتباع الجهل و الجهلاء في هكذا ملفات .كيف يمكن للسودان أن يكون معزولاً كجزيرة في محيطه الإقليمي ، في الوقت الذي يتطلب استقراره ونماءه تكاتف الجهود وتعزيز التعاون مع جيرانه و دول الإقليم ، و لتجاوز هذه العزلة ، لا بد من تفعيل الدور الدبلوماسي الذي يعمل على تحسين العلاقات مع هذه الدول من خلال تعزيز التعاون الإقليمي ، و إعادة بناء الثقة و تعزيز الاستقرار السياسي الداخلي .الصحفيون يلعبون دوراً مهماً كـسفراء للكلمة و الحرف و يحملون رسالة مقدسة ، حيث يؤثرون على الرأي العام من واقع نقلهم للمعلومات بشكل قد يؤثر على العلاقات و المواقف ، و لذلك من الضروري أن يتحلوا بالمسؤولية في تعاطيهم مع هذه الملفات و في ما ينشرونه ، و أن يتجنبوا الإساءة أو الانتقاد السلبي ، لانه يمكن أن يؤدي ذلك إلى تفاقم التوترات وتعكير الأجواء بدلاً من تعزيز التواصل و الاتصال ، فمن المؤكد أن إلتزام الصحفيين بالموضوعية يسهم في الحفاظ على نزاهة المهنة و أداء دورها الرسالي .السفير علي بن حسن جعفر سفير خادم الحرمين الشريفين له ثقله في الأوساط الدبلوماسية ، و له سمعتة الجيدة التي يتميز بها ، و أيضاً له خبرتة الواسعة فهي نتاج سنين عديدة ، فهو من المدرسة الدبلوماسية ، و ليس رجل مخابرات كما يدعي البعض ، و كما له تأثير ملحوظ في مجال الدبلوماسية بشقيها الرسمي و الشعبي ، و سجله الحافل بالإنجازات يشهد له بذلك ، و هذا الثقل الذي يتميز به هذا الرجل نابع من سنوات خبرة طويلة في المجال ، حيث له مهارات يتميز بها عن غيره في التفاوض و تقريب المسافات بين الفرقاء ، و أتمنى ألا يتناوله الناس على خلفية مبنية على العاطفة المشبوبة و ذلك فقط لمجرد ظهوره مع أحد أطراف التفاوض ، صحيح هنالك حالة غبن عام من هذا الطرف المعتدي ، عند جميع السودانيين ، إلا أن السفير السعودي يعتبر وسيط ، و في حالات الوساطة يجب أن يتحلى الوسيط بالحيادية ، و أن يتجنب الانحياز لأي طرف لضمان فعالية دوره .و الله من وراء القصد

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.