..المرفأ الذي وصل إليه الجيش السوداني! كتبت : رشان اوشي

الرصاصة التي أطلقتها المليشيا يوم ١٥/ابريل ، والتي حاولت قتل حلم السودانيين بوطن مزدهر مستقل ، كانت أيضاً حبلى بالمفاجآت التدميرية، فقد تمثل هجوم “آل دقلو” المباغت والذي لم يتوقعه أحد ، بداية لأشد الأيام دموية في السودان ،انه يشبه المحارق النازية (الهولوكوست).

استمرت الحرب التي تمخضت عن هذا الهجوم لفترة تفوق تقريباً ما تخيله أي منا، مع خسائر الشعب ، خسرت القوات المسلحة اهم مراكز استقلاليتها وقوتها ” منظومة الصناعات الدفاعية”، فقد دمرت المليشيات التي بدت متلهفة للانتقام كل مقدراتها المدنية والعسكرية.

الحقيقة أن منظومة الصناعات الدفاعية حققت مبدأ الاستقلالية للجيش السوداني بأنها كانت تصنع من الطلقة إلى تجميع المدرعات والطائرات، والأهم أنها صنعت المسيرات ، ذلك السلاح الفعال في معركة الكرامة ، فقد مرغت مسيرة “الصبرة” انف الحصار الاماراتي لبلادنا في تراب المقاومة .

رغم التدمير الممنهج ، فتحت المنظومة ثقب أمل في جدار الانسداد السياسي والاقتصادي ايام الحرب الاولى ، قامت باستيراد كميات ضخمة من سلعتي الدقيق والسكر ، حتى لا يجوع السودانيين، من مواردها الذاتية بدون اللجوء لسوق العملة الأجنبية الموازي .

ونجحت في توصيل تلك السلع إلى دارفور وكردفان أثناء الحرب عبر مكاتبها في ولاية النيل الابيض، ، بجانب توظيف علاقتها الوثيقة والقديمة ببعض الدول الآسيوية لاستجلاب أسلحة متطورة كالطيران والطيران المسير .

ومع ذلك، فإنَّ المفاجأة الكبرى التي تمخضت عن كل هذا الدمار الذي كشف عن سوء بالغ للنظام العالمي والإقليمي ، أن منظومات الصناعات الدفاعية خلال أقل من نصف عام من اندلاع الحرب، نهضت من بين الركام ، واستعادت جزء كبير من مقدراتها الصناعية ، حيث بدأت مجموعة “جياد” خط انتاج السيارات من نهر النيل ، وفي أماكن أخرى اعيد تأسيس مصانع “اليرموك” ، “سابقات “..الخ.

بجهود رجال ونساء يمثلون ملمحاً مقدراً في التآزر الوطني ، أسست المنظومة أثناء الحرب مشروع ” المتكامل الاستراتيجي ” بمدينة “دنقلا” ويضم (٨٤) محور زراعي ، ومسلخ حديث سيدخل الخدمة خلال أسابيع تعويضاً لمسلخ “الكدرو” ، مصنع اعلاف وحظائر تسع ل(٤٥) الف عجل ، بجانب إنشاء محطة “سيمنس” لإنتاج -(٣٥٠) ميقا واط ، ومحطة “سواكن للطاقة الشمسية ” -(٢٦) ميقا واط ،لامداد ولاية البحر الاحمر بالكهرباء .

استمرت منظومة الصناعات الدفاعية في سداد رواتب (١٣) الف موظف لم تتخل عنهم رغم الدمار والخسائر .

ابتعد ابطال “منظومة الصناعات الدفاعية ” عن صخب الأحداث المتوالية، وعملوا بعزيمة لا تقهر ،في أشد الايام حلكة ، ونصال التخوين تدمي ظهورهم .

كان الفريق أول “ميرغني ادريس” ،اللواء أمن “م” “الجيلي ابوشامة”، واللواء ركن “معتصم” يعلمون أن هستريا الميديا والأحكام المتعجلة لم تؤسس دولاً، فضلاً عن قدرتها على إنقاذ أوضاع معقدة وقاتمة، وهذا درس تاريخي ليس مجانياً دفع فيه الشعب السوداني أثماناً باهظة ومكلفة، إذ يؤكد الحال منذ ديسمبر/٢٠١٩م مدى التعقيد الكبير لواقعنا السياسي والاقتصادي .

واليوم، تجني منظومة الصناعات الدفاعية ثماراً عظيمة ، إذ عقدت اتفاقيات تعاون مشترك مع كبريات الشركات الصينية ، تفتح أبواب الأمل أمام مستقبل مشرق للجيش السوداني ، في وقت تتحمل واشنطن أعباء الصراعات المستعرة بالسودان وكراهية السودانيين .

نجاحات منظومة الصناعات الدفاعية رغم الدمار في تقديري رسالة قدرية لكل سوداني ، أن بلادنا يجب أن تستمر وأن مستقبلاً قادماً لا بد أن يأتي، ولو على بقايا البقايا، وأنه قد حان وقت كتابة فصول جديدة.
محبتي واحترامي

https://www.facebook.com/share/p/4sRTsz33phaLBnNH/?mibextid=oFDknk

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.