همس الحروف**حق التعليم لا يتأثر بالسياسات … دعوة لحماية حقوق الطلاب السودانيين اللاجئين في تشاد✍️ *د. الباقر عبد القيوم
**إن حرمان الطلاب السودانيين اللاجئين في تشاد من حق الجلوس لامتحانات الشهادة السودانية ، و الذين تتجاوز أعدادهم ستة ألف طالب طالبة ، يمثل خرقاً واضحاً و تجاوزاً خطيراً على حقوق الإنسان ، و يشكل انتهاكاً صارخاً للمواثيق و الأعراف الدولية التي تكفل حق التعليم لجميع الأفراد بغض النظر عن خلفياتهم السياسية أو الوطنية أو الدينية ، و يأتي هذا القرار في وقت حساس من تاريخ الشعب السوداني، حيث يواجه العديد من الطلاب السودانيين مصيراً مجهولاً في ظل ظروف الحرب و تداعياتها ، التي سبقتها أربعة سنوات عجاف ، فضاعت من أعمار الطلاب ما جملته ستة سنوات ، و يشكل هذا الحرمان من فرصة التعليم مستقبلًا قاتماً قد يفقد البعض العزيمة في الإستمرار .هذه الخطوات و الإجراءات التي سلكتها تشاد تعكس حجم التدهور في العلاقات التاريخية بين الشعبين السوداني و التشادي ، اللذين تربطهما روابط قوية من التعاون والتضامن على مدار عقود من الزمان ، فقد كان السودان دائماً في مقدمة الدول التي توفر الفرص التعليمية للشعب التشادي ، سواء في الجامعات أو المدارس ، و هذا الأمر يعكس روح الأخوة بين الشعبين . و لكن هذا التصرف من الحكومة التشادية يأتي في سياق ضبابي عاكساً تأثيرات سياسات خارجية ضاغطة عليها ، قد تضر بها كدولة ذات سيادة قبل أن تضر بالعلاقات بين البلدين ، و ما هو معلوم بالضرورة أن حكومة تشاد الحالية محسوبة على قبيلة الزغاوة (الكوبي) ، و أن دعمها للمليشيا المتمردة في السودان قد يضعفها ، و يهدد إستمراريتها ، لأن ذلك سيقوي من شوكة معارضتها التي تتكون من عربان الشتات و قبائل القرعان حال إستحواذ المليشيا على إقليم دارفور . من جانب آخر ، فإن هذا القرار ، سيضر بطلاب الشهادة الثانوية ، و سيعزز مشاعر الإحباط والاستياء لدى الشعب السوداني ، و هذا المسلك يعد مؤشراً خطيراً على تغيّر في المواقف السياسية التي قد تؤثر على آفاق التعاون بين الدولتين في المستقبل ، حتى إذا رجعت المياة إلى مجاريها ، لأن الشعوب لا تنسى .العلاقات بين الشعوب يجب ألا تتأثر بالسياسات أو المزاج العام لقيادات الدول ، فالشعوب دائماً ، ما تتجاوز هذه الخلافات وتظل الروابط الإنسانية والثقافية قائمة بينهم .و من غير المقبول أن يتأثر التعليم ، الذي يعد حقاً أساسياً لكل فرد ، بالخلافات السياسية بين الحكومات . و سيظل صوتنا عالياً و نحن ننادي بوجوب أن تكون حقوق المواطنين و خاصة في مجال التعليم ، محميةً ، بغض النظر عن الصراعات أو التوترات بين الحكومات ، لأن التعليم هو أساس بناء المستقبل ، و يجب ألا يحرم أحد من الطلاب من هذا الحق بغض النظر عن جنسياتهم أو خلفياتهم السياسية .و من المفترض أن تتفهم السلطات التشادية أهمية إتاحة الفرصة للطلاب السودانيين لإجراء امتحانات الشهادة السودانية لهم في ظل هذه الظروف الاستثنائية ، و أن تعمل على حماية حقوقهم بغض النظر عن الوضع السياسي و الدبلوماسي الراهن ، حيث أن هذه الخطوة لا تعكس فقط عدم احترام حقوق الإنسان ، بل أيضاً يتجاوز هذا السلوك إلى عدم إحترام العلاقات الأخوية والتاريخية المتجذرة بين الشعبين ، و كان من الواجب أن تكون هذه الحقوق أولوية قصوى في ظل هذه الظروف الراهنة التي يعاني منها الشعب السوداني أشد معاناتة .نأمل أن تتخذ الحكومة السودانية خطوات سريعة عبر منظمات الأمم المتحدة ، و الصليب و الهلال الأحمر ، كوسيلة على السلطات التشادية ، لإيجاد حلول لهذه المشكلة بما يحفظ حقوق الطلاب في الجلوس لإمتحانات الشهادة ، و من أجل إستمرار العملية التعليمية التي تعتبر حقاً أساسياً لا يمكن التفريط فيه بأي حال من الأحوال .حرمان الطلاب من التعليم لا يعتبر خسارة فردية لهم بل هو خسارة لكامل الشعب السوداني ، حيث يعتبر التعليم هو السبيل الوحيد لتمكين الأجيال القادمة من بناء مستقبل أفضل ، ولذلك نأمل من الحكومة السودانية السعي في حلول تتضمن تسوية دبلوماسية سريعة تحفظ للطلاب السودانيين حقهم في إتمام تعليمهم .و تعتبر هذه الظروف التي حرمت الطلاب من حقهم في إستمرار تعليمهم ، فرصة تاريخية لإمتحان الدبلوماسية الشعبية قبل الرسمية لإثبات جدارتها في حل هذه المشكلة ، و الحفاظ على للعلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين الذين تربطهم أواصر الدم و الثقافة و اللغة و الدين و التأريخ .و الله من وراء القصد
التعليقات مغلقة.