همس الحروف… القرار الغالي من الفريق الغالي ✍️ د. الباقر عبد القيوم علي
ها هو القصر ، ذاك العملاق العتيق في بهائه الشامخ ، و في رمزيته الغالية ينهض من تحت ركام الغدر ، متوشحاً صموده الأبدي ، و قد تهيأ ليشهد مجدداً رفرفة علم السودان من علياء ساريته السامقة إيذاناً بعودة الروح إلى قلب الدولة ، ليس إنكساراً كما يدعي البعض المخذل لإتفاقية او إملاءات ، و إنما قوة و إقتداراً ، بالعامية كما يقول البعض (قنقر) .في منعطف من التاريخ ، لا يخطئ الزمن موعده مع الرموز ، حيث وقف الفريق محمد الغالي و قفة عز و شموخ رافعاً رأسه يتنفس الصعداء في باحة القصر الجمهوري ، بعد أن أدى سجود الشكر لله عز و جل ، الذي نصر عبده و أعز جنده و هزم الأحزاب وحده ، و هذه الوقفة التي و صفها الحاضرون بأنها وقفة قائد فذ ، عابد يستشعر الله في هذا النصر المؤزر ، و كانت وقفته ليست كمجرد وقفة مسؤول في مكان عمله المعتاد عليه في هذا المكان التي تم سلبه بمخطط خيانة ، و غدر زهاء العامين ، بل كانت كصوت للوطن ، و هو يعلن من بين جدران الحريق و أكوام الرماد : (هنا ستصاغ الإرادة ، و هنا ستبدأ حكاية الإعمار ، من رحم الصدمة ، ومن أنقاض الخيانة ، و دنس العملاء و الأرزقية .ليست هذه فقط إعادة ترميم لحجارة صامتة ، بل هي ميلاد جديد لهيبة غابت ، وسلطة تعرضت لطعنة في خاصرة السيادة ، القصر بكل ما يحمله من ذاكرة وطن ، سيعود ليكون منبر القرار ، وبوابة الخلاص ، ومرآة العزة لشعب قاوم وإنتصرت إرادته .ليس هيناً أن يرفرف علم السودان على ساريته من جديد ، و لكن في تلك الوقفة حين تحدث الفريق الغالي بالكلام الغالي و النفيس ، زرفت الدموع و حشرجت العبارات و الكلمات في الحلوق . إنها لحظات صعبة .و لمن لا يعرفه إنه الفريق الدكتور محمد الغالي يوسف يا سادة .. و كفى ، ذاك الهمام الصامت ، الرجل العابد الذي لا يتحدث إلا فيما يجب الحديث فيه ، و لا يزيد أو يكثر عما يجب إنه يقال عنه ، و كل شيء عنده بمقدار العقل ، و سعة القلب ، و كان حديثه ثمة يقين يتسلل إلى الأرواح و يعلن للعالم أجمع أن هذا البلد ، رغم كل شيء حدث و على حجم ضخامة المؤامرة ، لا و لن يسقط أبداً مهما تكالبت عليه الأعداء ، فإن إرادة شعبه لن تنكسر ابداً .فالمعركة لم تكن فقط على الخرطوم ، و الجزيرة و دارفور و كردفان ، و سنار ، و النيل الأبيض ، بل على فكرة الدولة ذاتها بكل رقعتها الجغرافية التي كان من المخطط لها تغير دمغرافيتها ، و اليوم حين ترفع المصفوفات وترسم الخرائط الزمنية ، فإن الخرطوم قد تطهرت من رجس التمرد تستعد لتلبس حلة المجد مرة أخرى ، وتفتح ذراعيها لمؤسساتها التي تعود تباعاً بخطى واثقة ، نحو الانبعاث و يتبعها بعد ذلك تحرير كامل السودان (شبر – شبر) من دنس المليشيا و أعوانهم .القصر سيرمم ، (نعم) ، و لكن الأعظم من ذلك هو أن الوجدان الجمعي للشعب سيرمم أيضاً معه . و أن تراب العاصمة الذي كُتب عليه بالأمس (الخيانة) ، يُسطر عليه اليوم (القرار الغالي) من الفريق الدكتور (الغالي) ، الذي يمهد للآتي الأجمل ، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الحق و الوطن .فشكراً من أعماق القلوب لذلك الفريق الدكتور الغالي ، ابن دارفور الفتية ، وفاشر السلطان العتية ، الي الرجل الذي خرج من رحم المعاناة في الزمن الجميل ، وإشتد عوده بين رياح التحدي ، حتى غدا صخرةً عاتية تتحطم عليها أطماع المعتدين ، ورايةً تُرفرف بعزة في سماء الوطن ، تحية لذلك القائد العظيم ، الفذّ في رؤيته ، الصلب في مواقفه ، الذي حمل هم الأرض و العرض و هم الناس أجمعين في هذا الوطن العظيم ، و مضى بعزيمة لا تكل ، وشجاعة لا تلين ، يقود رجاله كالسيل إذا إندفع ، لا توقفه وهاد ولا ترده القمم ، إنه جيش من الإرادة قبل أن يكون من الإدارة ، و إن في صموده ما يبعث في الأمة روح الكرامة ، ويكتب للتاريخ صفحة من المجد بماء الذهب الخالص لا تمحى بإذن الله تعالى .و الله من وراء القصد و هو الهادي إلى سواء السبيل
التعليقات مغلقة.