همس الحروف.. أحمد عثمان حمزة والي الخرطوم لوحة شرف باذخة رسمت نفسها في قلوب السودانيين.. ✍️ الباقر عبد القيوم علي

أحمد عثمان حمزة والي ولاية الخرطوم رجل تصعب الكتابة السردية عنه ، لأن الحكايات تتدفق عن هذا الرجل و تتشكل كماً و نوعاً ، و هي دائماً في إزدياد مضطرد تفضي بعضها إلى بعض و تعظم الرغبة في الكتابة عن شخصه ، إلا أن الاكتفاء ببعضها يأتي خصماً على حساب حكايات أخري أكثر إثارة و تشويقاً ، و لهذا أجد نفسي ممسكاً بخيط السرد مشدوداً و أخشى من الترهل أو الخروج عن مساحات النص ، لأن الكتابة عنه تطول في منحنيات زلقة و متعرجة ، فهو بطل ملهم أتى من رحم حواء السودان ، يعرف كيف يمسك بزمام النصر و لا يرضى أن يضع الهزيمة خياراً له أياً كانت المعطيات و الامكانيات، و كما هو معروف عنه ، إنه و المستحيل ضدان ، نجده يضع الاهداف نصب عينيه ، و يكافح في سبيل تحقيقها مهما بلغت التحديات و العراقيل التي تواجه مسيرته حتى و إن بلغ التحدي ذروته ، دون أن يتذرَّع بأي نوع من الحجج الواهية كما يفعل البعض من الذين يعلِّقون إخفاقاتهم على ظهور الآخرين و يسندونها للظروف التي في الغالب الأعم تتشكل منها المشاهد ، عوضاً عن تحمل المسؤولية و إتخاذ القرار الصائب الذي يوصل إلى الهدف المنشود .

هذا الرجل تخطى بإقتدار أضخم التحديات التي فرضتها تداعبات الحرب ، بعزيمة و صمود حتى إستطاع ان يتغلب على معظم الشدائد متجاوزاً كل الظروف التي عبثت في المعطيات التي تقف أمامه ، و لهذا نجده دائماً في حالة تحدي لكل الصعاب بالعزيمة و الإخلاص ، و ذلك من أجل ألا يخرس صوت ولاية الخرطوم ، و لهذا ستظل قصة هذا الرجل الهمام مصدر إلهام للكثيرين و سيسطر التأريخ له قصة ستروى عنه بفخر شديد و سيكون شاهداً عليها جميع أهل السودان ، فالحكاية عنه عبارة عن رحلة تتحدى المصاعب ، و لهذا أصبحت سيرته بمثابة دروس في علوم الإرادة و الإدارة و فن القيادة و الأنسانية المجردة ، و خصوصاً أن هذا الرجل إستطاع أن يفتح لشعب ولايته نفاج من الأمل في وسط جبال و تلال من المصاعب ، و بغض الطرف عن مدى صعوبة الحياة في ولاية الخرطوم إلا أنه كان نعم المعلم الذي درسنا بأن هنالك أمل في غد أكثر إشراقا ، و رفد مكتبة التاريخ بكثير من قصص الجسارة الملهمة ، و علمنا قوة التحمل الذي بلغ به ذروة الانتصار و المجد و سجل إسمه في دفتر عظماء القادة في العالم أجمع .

هذا الهمام إستطاع بصمت شديد ان يستنطق من عمق ذاته إبداعات مذهلة كانت نتاج تفكير إبتكاري منه صنع به قصة مشروع رجل إسطوري ، وجد نفسه في موقف لا يحسد عليه ، و قل أن يثبت فيه مثل هذه المواقف أحد ، إلا أنه رغم كل شيء ثبت و صمد بتحد منقطع النظير ، و قد أتى هذا على خلفية أنه لم يكن مستعداً لمثل هذه الظروف العصيبة أبداً ، و لكنه كان لها حينما فرضت نفسها عليه ، فأدار الموقف في الولاية أثناء إستعار الحرب بإقتدار ، و لم يهرب من ميدان الوغى إلى أي ولاية أخرى أكثر أماناً من ولايته ، سيما و أنه المستهدف الأول في شخصه أكثر من غيره من قبل المليشيا ، فبثباته ثبت من حوله ، فتقدم الصفوف مع أركان حربه أعزلاً بدون سلاح ، مواجهاً بنفسه كل التحديات غير المتوقعة و المتوقعة معاً ، التي فرضها تداعيات الحرب حتى نهايات المطاف ضارباً بذلك مثالاً حياً في الوطنية التي فاحت نكهتها في الأرجاء ، و يأتى ذلك بالإخلاص الذي دعم به خط سيره مع العزيمة و الاصرار و الصدق ، و جامعاً بذلك صف مواطني ولايته بمختلف سحناتهم ، محارباً حملات تجويف و تجريف الإنتماء الوطني الذي ظلت تنادي بها أبواق الشر لصالح تفتيت نسيجها المجتمعي بزرع روح الغبينة بين مواطني الولاية من واقع إثني ليكون ذلك بمثابة خميرة عكننة يمكن أن تسوق المجتمع إلى حرب أهلية في المستقبل القريب ، فلم تأتي هذه المواقف العظيمة عنه من فراغ لتشكل لوحة شرف باذخة في العطاء و الإنتماء و حب الخير ، و كما لم يكن ذلك مجرد ضربة حظ و لكنها هي الإرادة التي تتخطى حواجز التقيد ، إنه الإنسان الذي حينما يتذكر جلل مصابنا يبكى بحرقة و صدق من شدة القهر الذي حل بنا أمام عدسات التلفاز ، و حينما نذكر نحن إسمه الذي إلتصق فى عمق ذاكرتنا في أي مجلس أو منتدى نبكي نحن و يبكي معنا الحضور بدموع سخينة من فرط شفقتنا علية ، و من واقع حبنا العظيم له في الله و لله بصورة مجردة من الغرض و المرض ، حيث ما زال يقاتل بعقل واعي ، فارضاً وجوده بقوة ليبقى إسم الخرطوم صامداً حتى لا تسقط راية (خرطوم الفيل) ، و ما زال يدير مع أركان حربه المخلصين دولاب العمل على الرغم من شح الإمكانات المتاحة على مستوى الولاية و المحليات ، و ما زال في رأس أولوياته الحفاظ على الامن و تدفق الخدمات من مياة و صحة و كهرباء حتى صدح صوت ولايته من أروقة الإذاعة السودانية ليقول مجددا (هنا أمدمان) ، بلد الحرية و الأمان ، فله منا و لكل المخلصين الذين حوله الحب و التقدير والاحترام .

و الله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.