أيام السودان الصعبة.. الفساد يخنق الدولة!(١) كتبت..رشان أوشي
حين تصاب الدولة بالعقم، وتعجز ماكينتها عن إنتاج ما يمكنه رتق ثقوبها البنيوية و الهيكلية،، يأتي الفساد و يدلف الفاسدون إلى سدة القرار لتضغط أياديهم المتسخة على جراح السودانيين. -قبل أيام- تحصلت على مجموعة مستندات، من مصادر مختلفة، حول قضايا متعددة، كنت أقلب الأوراق فيتضاعف توتري، السلك القضائي، النيابات، هيئة الجمارك، هيئة المواني البحرية، مجلس السيادة الانتقالي أيضا، قلت في سري: طوفان الفساد أخطر من طوفان الحرب…لم يسبق أن كانت الدولة في مأزق كهذا، – سأعرض على القراء في متن هذه المقالة قضيتين فقط على سبيل المثال- وليس الحصر. طرحت هيئة الجمارك عطاء لتأهيل أحد مستشفياتها، تقدمت شركات للمنافسة، بعضها لم يلتزم بالايفاء بالتزامات المشروطة ، تمت تصفية المنافسة على ثلاث شركات، تم استبعاد واحدة لأنها لم تلتزم بتقديم: (خلو طرف من الضرائب، إبراء ذمة من الزكاة، التأمين المبدئي). قيمة العطاء حسب تقديرات اللجان الخاصة بالهيئة (35) مليون جنيه، وقع العطاء على شركة وبدأت في تكملة إجراءاتها، تفاجئ الجميع بحصول الشركة المستبعدة على العطاء بموافقة مدير هيئة الجمارك وقتها الفريق “بشير الطاهر” وقدمت فاتورة قدرها (468.079.560) مليون جنيه.هذا الفاسد الذي وافق على تمرير هذا العطاء لازمته منذ البداية قناعة لا تتزحزح ومفادها بأن الدولة عاجزة عن معاقبته، وهو وصف مخفف لمشروع طويل الأمد يرمي إلى اقتلاع دولة المؤسسات من جذورها.حسناً ..نعود إلى موضوع العطاء ، جزء من تفاصيل الفاتورة قدر بمبالغ ضخمة ، كان توصيلات مؤقتة وخزان مياه ومضخة وفواتير مياه وكهرباء ووقود وصيانة المولد بقيمة (3.160) مليون جنيه، إيجار عربة مع الصيانة والوقود، خدمات الشاي والقهوة ووجبة الفطور بقيمة (28.020) مليون جنيه…الفضيحة الأخرى، كانت عبارة عن إعفاء جمركي لكمية (375) طن دقيق تجارية استجلبها أحد التجار، عبر الحدود السودانية المصرية قادمة من مصر دون سداد فلس واحد من الرسوم الحكومية، ترى ما هو المقابل الذي حصل عليه المسؤول عن هذا الفساد الذي يندى له الجبين؟. وما عرضناه غيض من فيض فساد يندى له الجبين ، متورطون فيه مسؤولون حكوميون على كافة المستويات. معركة الدولة مفتوحة لكن الرحلة ليست سهلة، لا بد من تفعيل أجهزة الرقابة على المال العام على أهبها، وخاصة جهاز المخابرات العامة المعنى بحماية الأمن القومي السوداني. ولا بد من أن تقوم القيادة بواجبها الأخلاقي تجاه الشعب السوداني بحماية مكتسباته ومصالحه، وأن تكون مستعدة على اتخاذ قرارات مؤلمة وأهمها قبول فكرة أن الحرب على الفساد لا تقل أهمية عن الحرب على التمرد. محبتي واحترامي
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.