أيام السودان الصعبة… الفساد يخنق الدولة (2)..رشان أوشي

* تبين لي متأخراً، ولغيري على الأرجح منذ أزمنة، لكنه اكتشاف أحبطني في أي حال، وأيما إحباط. وهو أن الفاسدين في صورة عامة يشبهون الشجر الذي يتلاقح في الهواء. سبقت الأزمة، اليوم الذي استيقظ فيه السودان على انفجار مدوٍ، عندما اندفعت مليشيا “ال دقلو” واقتحمت أرض دولة السودان التي أقيمت حتى قبل العام ١٩٥٦م، كان هجوماً برياً، بأسلوب صفعة “السودان قفل”،، أي تغطية العاصمة بنار القتل والتدمير الشامل، أي الانتقام العنيف المبيد للبشر والمدمر للحجر والزرع. حبس العالم أنفاسه، وتزاحمت الأسئلة في أفواه الجميع… من المسؤول عن كل هذا الدمار؟.المسؤول هو منظومة الفساد الموروثة (سياسي، اقتصادي، إداري. إلخ)، مع نمو متزايد لمصاصي دماء الشعب عبر أوجه عدة، ومنها التهاون مع الأجندة الأجنبية، والسماح لأذرعها بالتمدد، وغض الطرف عن فساد الحاشية التي تستغل نفوذ الدولة في تحقيق مآرب ذاتية.اعتقد الفاسدون داخل قيادة الدولة أن بيئة الحرب أكثر خصوبة لتحقيق الأهداف غير المعلنة.حسناً… بدأت حكايتنا الثانية في سلسلة (كشف الفساد السلطوي)، عندما لاحظ فردين يتبعان لجهة نظامية، حركة مريبة لمواطنين يحمل أحدهما حقيبة ثقيلة بسوق بورتسودان الكبير، قبض عليهما، وبعد التفتيش عثر على (٢٢) كيلو ذهب داخل الحقيبة…دونت بمواجهتهما بلاغات بنيابة التعدين، ذكرا في أقوالهما، إن الذهب يخص شركة (x) التي تتبع للقوات المسلحة، وأنهم بصدد بيعه بغرض شراء سلاح. لإثبات أقوالهما، وصل إلى النيابة خطاب رسمي بتوقيع موظف كبير بمجلس السيادة، يؤكد أن الشركة تتبع للجيش،كشفت التحقيقات عندما خاطبت النيابة المسجل التجاري، وجاء الرد أن الشركة مملوكة لشخصين، ولا علاقة لها بالقوات المسلحة مطلقاً. حاول هذا الموظف تحييد النيابة، وتحويل القضية من جنائية (جريمة تهريب ذهب) إلى جريمة تهرب من الإجراءات والتي عادةً ما تنتهي بعقوبة وهي سداد غرامة عبارة عن مصادرة نسبة قدرها (٢٠٪) من جملة الذهب المقبوض عليه، وحتى الآن المحاولات جارية .كلما ضجت الدنيا في السودان بصور المدن تحترق على أيدي مليشيات “ال دقلو”، وبهلع الناجين على أطفالهم وذويهم الذين قتلهم القصف العشوائي، كان الفاسدين المحتمين بالسلطة منشغلين في اكتناز الكثير من المكاسب الشخصية. ها قد اتسعت المعركة الوطنية على مستويين، الميدان العسكري وأروقة الدولة الفاسدة. هذه هي المرة الأولى التي يتفق فيها السودانيون على أن الحرب على الفساد توازي القتال في الميدان، لذلك ستجدون مئات المحاربين في ميدان المعركة ضد الفساد السلطوي، أي أن معركة السودان الوجودية أصبحت في النطاق أوسع، وأصبحت هناك جبهة جديدة. محبتي واحترامي

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.