همس الحروف رجاء نمر سفيرة الصحافة و أيقونة العطاءد. الباقر عبد القيوم علي

☘️🌹☘️

في عالم الإعلام ، حيث تتقاطع الكلمة مع الحقيقة ، و تلتقي الشجاعة مع التفاني ، هنالك تبرز واحدة من أميز الصحفيات اللاتي خدمن قضايانا الوطنية ، و عكست قوة و صمود الشعب في أصعب اللحظات ، إنها الصحفية القديرة و سفيرة الكلمة رجاء نمر ، التي تعتبر نموذجاً في التفاني و الإخلاص للوطن وللرسالة الصحفية المقدسة .

الأستاذة رجاء لم تكن مجرد ناقلة للأحداث ، بل كانت في طليعة الصفوف ، و تتقدم الناس لتواكب الأحداث الكبرى و توثقها بعيون الصحفي الذي لا يهادن ، و ترتق الفتوق بما تستطيع ، برفق النصح الجميل و جمال الكلمة و لين العبارة .

في حرب الكرامة ، كان صوت رجاء هو الصوت الذي لا يستطيع أن ينساه أحد ، و قلما تجد صحفياً مثابراً مثلها في مثل تلك اللحظات الحرجة ، و على الرغم من بعدها المكاني ، و هي خارج حدود الوطن ، فكانت رجاء في كل مكان في أرض المعركة ، و قد وجدناها في المقدمة ، تكتب عبر عمودها الشهير (حدث و حديث) ، و تنقل الأحداث بدقة وشجاعة ، تكتب و تقاتل بكلمتها قبل قلمها ، مغطية احداث الحرب و موثقة للدمار الذي أحدثته الميليشيا ، و نجدها رافعة شعارها الخاص بها : (يا النصر يا النصر) ، و هذه الكلمات تعبر عن إيمانها القوي بأن النصر قادم مهما كانت التحديات .

في خضم هذه الحرب ، كان القائد العام لقوات الشعب المسلحة الفريق أول ركن البرهان ، يعبّر عن أهمية الإعلام في هذه المعركة ، مشيراً إلى أن الجيش والإعلام في (خندق واحد) ، ألا أن الأستاذة رجاء نمر كانت تسبق الجيش في ميدان الكلمة ، و ترفع الصوت لتؤكد أن الإعلام يسبق الخندق بثلاث خطوات ، وأنه يقاتل في الصفوف الأمامية ، فالإعلام ليس مجرد مرافقة للأحداث ، بل هو جزء لا يتجزأ من الجهاد في سبيل الله و الوطن ، و هو أساس السعي في سبيل الحرية و الكرامة .

الأستاذة القديرة رجاء لم تكن مجرد صحفية ، بل كانت سفيرة للقيم الإنسانية ، وحاملة لقضايا الشعب والوطن في كل حرف تكتبه ، و تعرف جيداً أن الصحافة ليست مجرد مهنة ، بل هي رسالة نبيلة تعكس واقع الناس وآمالهم ، ومع كل تقرير كانت تنقله ، تجسد فيه التزاماً أخلاقياً يبرهن أن الصحافة هي صوت الشعب ، و هي تولي اهتماماً عميقاً للأغلبية الذين أخرسهم الظلم ، و لم يجدوا من يروي معاناتهم إلا قلمها .

فرجاء نمر لم تكن تسعى فقط لنقل الخبر ، بل كانت تصنع الوعي في قالب من الحكمة ، و تشكيل الرأي العام بطريقة تساهم في تحفيز التغيير الهادف ، فقلمها يعتبر سلاح لا يقل قوة عن أي سلاح آخر في معركة الكرامة .

أصبح اسم رجاء مرادفاً للمصداقية و الشجاعة الصحفية ، و إنجازها لا يقتصر في ميادين الصحافة فقط ، بل على ما زرعته من قيم و معاني في المجتمع ، و منها ضرورة أن يكون الصحفي عنصراً فاعلاً في المجتمع ، و مؤمناً برسالته و أهمية دوره في حماية الحقيقة .

قبل أيام قليلة من اندلاع الحرب ، كانت الصحفية القديرة رجاء نمر في رحلة علاجية خارج البلاد ، برفقة ابنها ، باحثة عن فرصة لعلاجه . لم تكن تعلم أن الرياح ستجلب لها ما لا يمكنها توقعه ، إذ صادف سفرها نشوب الحرب في لحظة حرجة جعلتها عالقة خارج البلاد ، و أصبحت خارج الحدود ، و نحن لا نعلم عن ظروفها شيئاً ، و لا عن وسيلة حصولها على العلاج الذي كان قد بدأ بالفعل في مراحل التحضير أنذاك .

رجاء الإنسانة التي تعيش لغيرها ، و التي طالما ناضلت بالكلمة والشجاعة لنقل الرسالة الإعلامية ، لقد طال غيابها في الخارج و كان من الواجب علينا أن نتفقدها كأفراد و كأجسام صحفية ، و خصوصاً إننا كنا نعلم أن تحويلاتها المالية التي كانت مخصصة لعلاج ابنها لم تكتمل في ذاك الوقت ، بسبب الحرب ، فيا ترى ماذا جرى لها ؟ .

و هي ما زالت تقود جند الإعلام في معركة الكرامة بكل بسالة ، و هي تتقدم الصفوف عبر موقعها الإلكتروني، و صحيفتها (الخليل) ، فرجاء قدمت الكثير للوطن و ما زالت .

رجاء شخصية إعتبارية لها وزنها كسفيرة كلمة و كرائدة مجتمع ، فهي لا تمثل فقط (الصحفية الشجاعة) ، بل تمثل كل أم ، و كل سودانية حرة ، و كل إنسان يواجه الصعاب ، فمن الواجب علينا أن نقف على أحوالها و ظروفها ، لانها تعتبر مثالاً يحتذى به ، ليس في مجال الصحافة فقط ، بل في كل جوانب الحياة ، حيث يكون الالتزام ، و التفاني ، و الإيمان بالقضية هي المعايير التي تحدد قالب الإنسان .

و الله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل

التعليقات مغلقة.