همس الحروف.. إنتهاء إمتحانات الشهادة الثانوية فرحة وطن ، وانتصار إرادة✍️ د. الباقر عبد القيوم علي

☘️🌹☘️

بحمد الله وتوفيقه ، أسدل الستار على امتحانات الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة (2024–2025م) بنجاح كبير ، وسط ظروف عصيبة لا تخفى على أحد ، وفي ظل تحديات جسام عاشها الوطن ، هذه الامتحانات لم تكن عبارة إختبارات دراسية للجالسين فقط ، فالأمر أكبر من ذلك بكثير لانها كانت تمثل إمتحاناً حقيقياً للإرادة الوطنية ، والتي برهنت ان هؤلاء الصغار هم القوة المنيعة والعزيمة الدافعة لإستمرار الحياة كما نريد ، رغم الحرب ، وإنعدام التيار الكهربائي في معظم ولايات السودان ، ورغم الظروف الإقتصادية الطاحنة للأسر ، إلا أن التحدي كان أكبر من كل هذه الظروف والمخاطر الأمنية .

أكثر من 226 ألف طالب وطالبة جلسوا لأداء هذه الامتحانات في 2311 مركزاً داخل و خارج السودان ، ولم يلتفتوا إلى تهديدات المليشيات ، التي حاولت بث الرعب في قلوبهم لمنعهم من التقدم بذريعة عدم عدالة الفرص في المناطق غير الآمنة ، لكن إرادة هؤلاء الطلاب هزمت المليشيا و كسرت حاجز الخوف ، و لم يستسلموا ، وبعثوا برسالة واضحة مفادها أن لا أحد يستطيع إيقاف طموح أمة قررت أن تنهض و تبني نفسها بنفسها رغم ظروف الحرب .

لقد تمت هذه الامتحانات بهدوء وتنظيم عال ، وبمهنية مشهودة ، فلا بد لنا أن نقف وقفة إجلال و إكبار لكل الذين كانوا خلف هذا العمل الجبار ، بدءاً من إعدادها وطباعتها ، مروراً بحفظها وتأمينها ، وانتهاءً بمراقبة الطلاب وضمان سيرها بكل شفافية و عدالة ، وهذا الإنجاز ما كان ليتحقق لولا جهود عظيمة بذلها معلمون ومعلمات أجلاء ، وشرطة وأجهزة أمن ، وسلطات محلية ، وأسر ظلت تقف سنداً لأبنائها حتى اللحظات الأخيرة .

اليوم نحتفل مع الأسر بانتهاء هذا الموسم الدراسي المؤجل ، ونحتفل أيضاً بانتصار الوعي والصبر والإصرار ، ونبعث بالتحية لكل من ساهم في هذا النجاح من المدرسين الذين واجهوا الصعاب في إعداد الدروس و تدريسها في ظروف كانت أشبه بالمستحيل ، و إلى أفراد الأمن الذين سهروا لحماية المراكز ، وإلى كل أم سهرت تدعو وتدعم ، وتحية خاصة و خالصة إلى كل أب حمل على عاتقه مسؤولية مستقبل أبنائه في هذه الأيام العصيبة .

المليشيا و أعوانها كانوا ، وما زالوا يخربون المؤسسات التعليمية و يسعون في دمارها ، ولكن هذا الجيل هزم أحلام و آمال هذه المليشيا ، و اثبت أنه هو السد المنيع في وجه كل من يريد أن يطفئ نور العلم والمعرفة ، و هذا الجيل يعتبر الموج الشعبي الهادر الذي سيجتث كل خائن وأعوانهم من تراب هذا الوطن .

أسأل الله أن يكلل جهود الطلاب بالتوفيق والنجاح، وأن يجعل فرحة النتائج القادمة برداً وسلاماً على قلوب الأمهات والآباء ، وأن يكون هذا الانتصار خطوة جديدة نحو وطن آمن وحر ، لا تهزه رياح الفتن ، ولا توقفه مؤامرات العابثين .

و نصر من الله وفتح قريب وبشرالمؤمنين .

التعليقات مغلقة.