بُعْدٌ .. و .. مسَافَة *مصطفى أبو العزائم يكتب “حول ورشة الإصلاح الأمني”
لم يُحظَ حدثٌ مرتبط بالشأن السياسي والأمني والعسكري في السودان بإهتمام شعبي مثلما حُظيتْ ورشة الإصلاح الأمني التي إنعقدت يوم الإثنين بقاعة الصداقة في الخرطوم ، والتي شارك فيها ممثلون للقوات النظامية والقوى السّياسية ، والحركات المسلحة الموقعة على إتفاقية جوبا ، إلى جانب ممثلين لمتقاعدي القوات النظامية والآلية الثلاثية .
بمتابعتنا اللصيقة والدقيقة للأحداث كنا نعرف إن الإصلاح الأمني والعسكري هو أحد أهم مطلوبات الإتفاق السياسي للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها بلادنا منذ أشهر ، وإنعكست آثارها على مجمل أوجه حياة المواطنين في مختلف أرجاء البلاد ، حتى إن بعض المناطق باتت تعيش في حالة هشاشة أمنية ، أدت إلى مواجهات بين كثير من المكونات الإثنية والقبلية ، وهو ما ظننا أننا تجاوزناه ، لكن إستخدام بعض السياسيين للقبيلة كواحدة من أدوات الصراع السياسي قاد إلى ماتعاني منه بلادنا الآن .
وحُظي خطابا الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السّيادة وقائد القوات المسلحة السودانية ، ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع ، حُظي الخطابان بإهتمام كبير بحسبان أن هناك آراء تم الترويج لها تؤكد على أن العسكريين هم الفئة الأقل جدية في أمر الإصلاح الأمني والعسكري ، لكن ما حدث كان في غير ذلك الإتجاه الذي روج له البعض ، فقد قال رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان إن الهدف في البلاد الآن هو بناء جيش لا يتدخل في السياسة ، وإن المجلس يريد تمكين أي سلطة مدنية مقبلة من أن تكون القوات المسلحة تحت إمرتها ، بينما قال نائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع إن الإصلاح الأمني والعسكري هو قضية وطنية فنية ، وأنها مهمة ليست سهلة لكنها ضرورية كجزء من عملية إصلاح الدولة وصلاً إلى بناء جيش واحد ، لكن بعيداً عن أي نشاط أو أجندة سياسية ، مع دعوته للإستفادة من التجارب الإنسانية في محيط السودان الإقليمي والعالم ، وهذا يتطلب العمل على تطوير التشريعات والقوانين ، بما يضمن عملية إصلاح شاملة وكاملة لأجهزة الدولة .
و .. لكن .. ومع محاولات البعض بذر الفتنة للوقيعة بين الجيش وبعض القوى السياسية من أجل شق الصف الوطني ، لابد من إجماع وطني يستند على قبول شعبي واسع ، حتى لا يكون هناك من هو في رصيف الوطن يريد أن يعطي فيجد من يمنعه .
نعم هناك محاولات لإقصاء قوىً سياسية مؤثرة لكنها ساكنة ، يرغب من يمثلونها في أن يحدث التوافق السياسي والقبول ليتم الشروع الفعلي في إصلاح الدولة ، حتى يتم إبعاد شبح الإنقلابات العسكرية التي كانت دائماً بإيعاز من قوىً سياسية تدفع بمناصريها داخل الجيش للإستيلاء على السلطة ، والتجارب تقول بذلك ، كما قال الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان .
وقد جاء خطاب الفريق أول محمد حمدان دقلو متسقاً ومناسباً مع أهداف المرحلة التي تعيشها بلادنا الآن ، وهو ما يتطلب أهمية الإصلاح الآن مع إستصحاب كل القوى السّياسية والحزبية والأهلية والمجتمعية ليكون ذلك هو الخطوة العملية الأولى في طريق صناعة دستور متفق عليه من الجميع ، وإلّا فعلى الدنيا السلام .
أوقفوا الإقصاء وأمنعوا إحتكار السلطة حتى لا تكون مختطفة ، يتنادى من يشعرون بأنهم أحق بها بالتنازع عليها بمختلف الوسائل والطرق .
Email : [email protected]
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.