رشان أوشي تكتب “المتمردون في دارفور… أزمة وجود”
حلفاء “الدعم السريع” المدنيين، الذين أنعشتهم أنباء هجمات المتمردين على الفرقة (16) مشاة_نيالا، وظنوا أن كفة التفاوض المتوهم سترجح لصالح كفيلهم، ربما لم يخطر ببالهم، ولو للحظة، أن يتساءلوا عما يفعل “الجنجويد” في السويعات التي تلي الهزيمة، ما الذي سيحدث بعده؟ الذي جرى بعده متوقعاً تماماً؛ هجوم كاسح على الأحياء السكنية وتهجير المواطنين.
نصف سكان نيالا تقريباً، تم تهجيرهم إلى خارج المدينة ليعيشوا كنازحين مع نحو (150) ألف أسرة تقطن معسكر “كلمة” كان قد نزحها ذات “الجنجويد” قبل نحو عشرين عاما، الآن عشرات الآلاف من الأسر بلا ماء أو كهرباء أو وقود أو سكن، ومن دون مستشفيات أو مدارس. فيديوهاتهم وأخبارهم تدمي القلب.
فهل يمكن أن يتواضع المبتهجون قليلاً، ويتأملون مصير الناس؟ نحن أمام مأساة أخرى، لم يمر مثلها على أهل جنوب دارفور، منذ تهجيرهم في حرب ٢٠٠٣م، الحال صادم ومرعب.
نجح أبطال الفرقة (16) مشاة بقيادة البطل اللواء ” حسين جودات “، في صد هجوم المتمردين؛ وتكبيدهم خسائر كبيرة، وهو الهجوم الذي خطط له قائد التمرد الجديد “عبد الرحيم دقلو” خليفة شقيقه، واستجلبت له أسلحة متطورة، وحشد له المرتزقة من كل صوب وحدب، بعضهم وثق عبر مقاطع الفيديو للحظات دخولهم إلى السودان للقتال في صفوف “الدعم السريع”، وأنفقت أموال طائلة في شراء ولاءات بعض العمد والأعيان، منهم وفداً التقى قائد الفرقة وعرض عليه تسليم مقر الجيش للمتمردين حقنا للدماء، قبض عليهم البطل ” جودات ” وأودعهم السجن.
الإنجاز الحقيقي للفرقة (16) مشاة ، هو أعمق بكثير مما يكثر الكلام عنه بتسميته إنجازاً عسكرياً يدرس في المعاهد العسكرية. فالإنجاز الحقيقي كان في تسريع ظهور أزمة وجودية لكيان “الدعم السريع” وسط حواضنه الاجتماعية، هزيمة هذا الحشد من المتمردين في عقر دارهم الاجتماعي والقبلي، هو الإنجاز الحقيقي الذي يجب أن يخلد في سيرة الفرقة (16) مشاة والتي تعتبر أقوى مراكز الجيش السوداني غرب البلاد بعد فرقة الهجانة في الأبيض.
هزيمة “عبد الرحيم دقلو” لعدة مرات، وهو يحاول السيطرة على مقرات الجيش في وسط وجنوب دارفور، يوضح أن الحواضن الاجتماعية التي كان ينشط في تجنيد أبنائها قد لفظته، لذلك اضطر إلى استجلاب مرتزقة من الدول المجاورة لإقليم دارفور.
مساعي “عبد الرحيم دقلو” التي باءت بالفشل، للسيطرة على الفرقة (16)، تهدف إلى ضمان استمرار تدفق ذهب السودان من مناجم ” سنقو ” و ” الردوم ” إلى خزائن “آل زايد” في الإمارات، فهو السبيل الوحيد لاستمرار الدعم الإماراتي السخي، دوافع الانتقام من “البرهان” ستجعل “آل دقلو” يحرقون السودان ويقضون على نسلهم الممتد في الساحل الأفريقي والصحراء.
محبتي واحترامي
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.