أي قوات مسلحة ستخرج من هذه الحرب؟ 1_4… كتبت.. رشان أوشي
١/ الخيانة العظمى:
سيبدأ التاريخ الزمني للكتابة في هذا الموضوع ما قبل السبت الموافق ١٥/ أبريل/ 2023، والكتابة في هذا الموضوع تحوطها المخاطر، لأن الكثير من المعلومات والحقائق ما زال طي الثنايا وغائباً، ولكن الفكرة الرئيسية التي بدأت تتداول، أن السودان ما بعد الحرب الطويلة التي تعدت تسعة أشهر لن يكون كما قبل 15/ أبريل/ 2023، في الوقت نفسه أن القوات المسلحة بعد الحرب لن تكون كما قبلها، وأيضا المشهد السياسي سيطاله التغيير، والأطراف في الصراع سوف تتغير في الشكل والمضمون.
صبيحة ١٥/ أبريل/ 2023، اندلعت الحرب؛ تفاجأ بها المواطن هذه حقيقة مجردة، ولكن الحقيقة الغائبة تكمن في السؤال: “هل تفاجأ بها الجيش؟”، ما زالت الإجابة على هذا السؤال طي الثنايا، لم تخرج من بين صدور القائمين على الأمر، ولكن الحقيقة الأخرى أنه عندما أطلقت الرصاصة الأولى، لم يكن الجيش السوداني في أحسن حالاته، بل كان في مرمى نيران المعارضة الحكومية، وهي أغرب حالة سياسية على مر التاريخ، أن تعارض أحزاب حاكمة مؤسسات الدولة التي تديرها، وتبع ذلك هجمات إعلامية قاتلة، أودت بالروح المعنوية للضباط والجنود، وبجانب ذلك وجود بعثة أممية تجاوزت التفويض الممنوح لها؛ ونصب رئيسها نفسه حاكما عاما على السودان، بل وحاول إصلاح الجيش عبر عملية جراحية قاتلة بإشراف الوكلاء المحليين.
وفي المقابل… كانت مليشيا الدعم السريع تنمو، وتتمدد، عمليات التجنيد مستمرة وتنقيب الذهب؛ وتهريبه إلى خزائن روسيا والإمارات، وبالتالي شراء السلاح وتمكين الجيش الموازي من مفاصل الدولة، عبر سياسة وضع اليد، التي استخدم فيها سلاح الابتزاز والانحياز للثورة، وتوجت عملية تمكين مليشيا حميدتي من مفاصل الاقتصاد عندما قدمت قوى الحرية والتغيير “دقلو” لرئاسة لجنة الطوارئ الاقتصادية بمباركة رئيس الوزراء “حمدوك”.
في ذات الوقت… كانت تطالب ذات الأحزاب الحاكمة بضرورة تصفية شركات القوات المسلحة ومصادرتها، بينما تنمو شركات الدعم السريع كالورم الخبيث، كما استجلب “دقلو” المسيرات، ومضادات الطيران الحديثة؛ تحت مرأى ومسمع الشركاء المدنيين.
بعد سنوات من الضغط عبر معاول الهدم التي كانت تضرب في جسد الجيش ومنظومته الأمنية، وصمت قادة الجيش على حملات التدمير الممنهج، توهم حلفاء مليشيا “دقلو” أن المعركة الكونية حسمت نهائيا، وبالتالي، ما عاد ثمة مبرر لتعطيل مسيرة الوصول إلى السلطة الموعودة، لكن ما انكشف لاحقا لهؤلاء السذج، أن حقيقة الجيش السوداني غير الوهم الذي سوقوه عبر منابر أحزابهم وخنادق النضال المزعوم.
بعد مرور تسعة أشهر على العمليات العسكرية، اتضح لهم بل وللجميع أن القوات المسلحة ومنظومتها الأمنية ليست «مبرة» غايتها جمع القلوب، ولا هو مستشفى همه معالجة الأمراض، بل مقاتل شرس في حلبة لا تتسع لقويين…
كيف تمكنت القوات المسلحة وهي في أضعف حالاتها من تدمير ترسانة قتالية ضخمة؛ ممولة ومدعومة سياسياً ودبلوماسياً من عدة دول… هو ما سنكشف عنه في سلسلة مقالاتنا هذه…
محبتي واحترامي
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.