صوت الحق.. الصديق النعيم موسى.. يكتب “أيام في الحرب ( 1 )”
كنت أتابع بقلق دخول الأرتال العسكرية للدعم السريع قبل الحرب بأيامٍ فقط داخل الخرطوم ، الخوف على مستقبل البلاد القاتم ، جنود صغار في أعمارهم يتوافدون للعاصمة ؛ أكتب في حالاتي عبر الواتس آب وأشعر بقُرب الإشتباكات العسكرية أقول لصديقي المُقرّب نحن أمام مواجهة شرسة ستندلع قريباً ، يقول لي : ( لا تكُن متشائماً ) أضحك وأرد عليه ( الله يكضب الشينه ) وعندما تم إحضار عشرين ألف من قوات الدعم السريع لمزيد من الحماية حسب ما علمت وإدخال أعداد ضخمة من السيارات بكامل عتادها العسكري لحي المطار ، تيقّنت أن القتال على الأبواب .يوم الخميس 13/4/2023 أتيت صباحاً وعدت مساءً بشارع القيادة وأمام قيادة الدعم السريع وأنظر للمُغرر بهم وأضع في حسباني المواجهات المحتمله لما هو آت وظروف الحرب ومعطياتها والأعداد الكبيرة للجنود والإعلام الضخم للدعم السريع ( والحاضنة السياسية ) .كل مؤشرات الحرب ظهرت للعلن و وصلت البلاد للمرحلة الكامنة ( في إنتظار البارود فقط ) والذخيرة تُنقل في مواقع كثيرة والسيارات تتجه إلى مطار مروي أعدادٍ تفوق المائة سيارة مُدججة بالثنائي والرباعي والدوشكات والأربجي والأسلحة الخفيفة وغيرها ، كل ذلك نتاجاً طبيعياً لما ظل يفعله حميدتي منذ تعيينه نائباً لرئيس مجلس السيادة وطموحه ببناء جيشٍ ضخم وموازي للقوات المُسلّحه ، وحديثه الذي يقول ( الدعم السريع ليس بفصيلة أو سَرية ليتم ضمه ) وتوسّع حركات جنوده وتحصينه لمنزله بحي المطار ويظل هنالك الكثير .ذهاب الدعم السريع إلى مروي ومحاصرته للمطار كان الخطوة الأولى لإستلام السُلطة مقروناً بمهاجمة قائد الجيش في بيت الضيافة بقتله أو إعتقاله ومن معه في قيادة الجيش ( الكباشي ، العطا ) أكدت التدبير الطويل لشن هذه الحرب وتجهيز الآلة الإعلامية وقنوات تحمل الشر الظاهر والمُبطن لجيش بلادي .قبل الحرب بيومٍالجمعة وقبل إندلاع المعركة بساعات ذكرت : ( أنّ هذه الحرب قائمة مهما دخلت الوساطات التي تقودها الحاصنة السياسية للدعم السريع من المجلس المركزي ) والقرائن كثيرة التي بيّنت للرأي العام المحلي والدولي بدء الدعم السريع للحرب آخرها التقرير الأمريكي السعودي .في صباح السبت ذهبت برفقة صديقي إلى الميناء البري لوداع أحد الأصحاب وطِوال الطريق أتذكّر في نفسي حديث الناطق الرسمي للجيش الذي حوى على التهديدات الأمنية لتحرّك قوات الدعم السريع لمروي دون إخطار رئاسة الأركان .في تمام الساعة التاسعة هاتفني صديق عزيز من مروي يخبرني بمهاجمة الدعم السريع للجيش ، لم تمضي لحظات فقط وسمعت أصوات الذخيرة والدانات بصورة متكرره ، أرسل لي أحدهم من المعموره صورةً لأعمدة الدُخان العالية بالقرب من المدينة الرياضية . لقد شاهدت وإستمعت في ذلك اليوم كل أنواع الأسلحة من الطائرات ، القذائف والدانات والدوشكات والثنائي والرباعي والأربجي والكلاشنكوف ؛ وأصوات الطيران مُحلّقة تقصف المتمردين .بعد صلاة الظهر جلسنا نتسامر عن مجريات الحرب وأصوات الدانات تعلو ، تساءل أحدنا عن تحضير وجبة الإفطار والعشاء ، ذهبنا إلى أحد الأسواق مع خلو كامل للطريق الذي سرنا به ، وجدنا ملحمة والخضروات بجوارها ولا أحد غيرنا ، ثم توجّهنا إلى الفرن الذي يخلو من الناس . عُدنا إلى الدار والمقذوفات في الطريق والأصوات تستمر . ما زلت أحتفظ بأحدى المقذوفات التي وقعت داخل المبنى الذي أسكن فيه ، والوقت يمر وفي الخاطر مقالات كثيرة عن هذه الحرب ومآلاتها على الأمن القومي السوداني ، والحدود الشاسعة ودولة الشر . و ما بين قناة العربية والحدث قضى مُعظم رفاقنا وقتهم حتى قريب المغرب . قام صديقنا الهميم بتجهيز الإفطار كانت وجبة تحوي ( الفول والعدسية ) والآبري كان حاضراً ؛ مر الوقت بطيئاً غابت أصوات المآذن لصلاة العشاء والتراويح ، إستمرت الدانات مع إهتزاز المبنى الذي نسكنه . في تمام الحادية عشر تناولنا العَشاء ( أبدع صديقنا في تجهيز حلة الدمعة والسلطة الخضراء ) ساهرنا مع مجريات الحرب حتى الثانية صباحاً .صوت أخير :ما حدث في اليوم الأول للحرب أثبت أن الجيش السوداني عظيم وقوي يستحيل قهره وكسره ؛ برغم أنَّ الخيانة التي تعرّض لها كبيرة وعظيمه .نواصل في حلقاتنا القادمة سلسلة أيام في الحرب بمشيئة الله .
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.