هل ستتكرر فضيحة نواعم السودان بكمبالا في حوارات الرجال بالقاهرة ؟✍️ الباقر عبد القيوم علي
“*همس الحروف *”
نظم الإتحاد الأفريقي حوار تشاوري للمرأة السودانية في كمبالا حاضرة دولة أوغندا و لكن كعادة السودانيين لابد أن تكون هنالك بؤر خلاف عميقة لا يقبلها المنطق ، و يجذرها أصحاب الأهواء و الأجندات الخاصة جداً ، حتى تنغلق عندها العقول الواعية القادرة على تذويب مثل هذه الاختلافات التي يتوافق على إثارتها المتخالفون بصورة تقود إلى تفتيت النسيج الإجتماعي وهدم البنية الإجتماعية في كامل القطر ، و عند هذه الحظات التي يتدخل فيها الشيطان تتباين وجهات النظر والآراء بشكل أوسع من موضوع الإختلاف نفسه ، مما يؤدي إلى تعميق الهوة بين الأطراف المختلفة ، و هذا يعكس مدي التعقيدات و التوترات في السياق السوداني ، و هذا مؤشر خطير يؤكد عدم نضج العملية الديمقراطية عند الشعب السوداني في الممارسة و يثبت الإستعداد النفسي لتقبل الديكتاتورية بكل أنواعها ، و تأتي هذه النتيجة من واقع الإستعداد لعدم التوافق بين اي أطراف سودانية مهما إدعت الوعي السياسي .
دائماً المشاركات لأي حوار قد يكون الخلاف فيها على الرؤى أو الأجندات أو حتى على مستوى الامور الشخصية ، و كان من الواجب ألا يتخطى الإختلاف حدود الملاسنات ، و لكن المفاجأة الكبرى التي حدثت و ادهشت الجميع هي تحول نواعم السودان اللائي من المفترض أن يكن هن الأكثر وقاراً إلى وحوش كاسرة ، فإنقلبت الحوارات إلى اشتباكات جسدية عنيفة ، و هذا السلوك يؤكد عدم قدرة السودانيين على إدارة خلافاتهم الشخصيية بشكل سلمي وبناء ، في مثل هذه الحالات ، يصبح من الضرورة بمكان أن تأخذ الجهة المنظمة لمثل هذه الفعاليات تعهدات شخصية من جميع المشاركين بألا يتخطوا أساليب التعامل و حدود الحوار .
ما حدث في كمبالا يعتبر أمراً معيباً في حق الشعب السوداني و هذا الأمر أحرج بلادنا على المستوى الإقليمي و العالمي و خصوصاً أنه أتى من اللائي يفترض أن يكن نواعم السودان و ليس عصبجية السودان ، فكيف يكون حال الرجال المتشاكسين دوما بسبب أو بدون في مثل هذه الحوارات .
من الصعب جداً التكهن بالنتائج و تقديم تقدير دقيق حول ما إذا كانت إعتذارات المكونات التي انسحبت من ملتقى القاهرة ستؤدي إلى فشل الحدث بشكل كامل أو لا ، و من المؤكد أن إعتذار هذه المكونات سيؤثر تأثيراً ملحوظاً على نطاق ومستوى التمثيل في الملتقى ، و قد يكون له تأثير سلبي على مدى شرعية مخرجاته ، و مدى قوة تأثيرها في حل الأزمة السودانية الشائكة ، فكان من المفترض أن يكون هذا اللقاء جامعاً لكل أطياف العملية السياسية الراشدة في السودان .
نجاح مثل هذه الفعاليات والملتقيات يعتمد على مدي سعة الصدور التي تؤدي إلى التوافق و التفاهم بين المشاركين و هذا الأمر يكون دائماً مفقوداً في الحالة السودانية ، و خصوصاً إذا لم تتوفر الإرادة الحقيقية لحل هذه الأزمة فإن مصير هذا الملتقى سيكون إستنساخاً من مؤتمر كمبالا النسوي ، و ما حدث في كمبالا يجب أن يكون دافعاً قوياً في مؤتمر القاهرة لتعزيز الحوارات البناءة وتعزيز ثقافة التسامح و الاحترام المتبادل في سلوك الافراد تجاه المعاملات السياسية و الاجتماعية .
و بما ان وزارة الخارجية المصرية هي الجهة المنظمة لهذا اللقاء التاريخي ، لذا يتعين عليها كجهة مستضيفة و منظمة التدخل المباشر في الأمور المنعية التي تحفظ المسافات بين الفرقاء و تعدم فرص إضاعة هذا الملتقى الذي نامل منه ان يكون رائباً لصدع السودان ، و على الرغم من أن صفة اللقاء الذي دعت له (سوداني – سوداني) ، إلا أن الجو العام قد يكون مشحوناً بصورة اكثر من المتوقع بين الفرقاء بسبب الحرب و تداعياتها المأساوية الشيء الذي سيجعل من اي طرف تحميل أسباب نشوب هذه الحرب للطرف الآخر ، فلا بد من إعادة التفكير في الإطار العام لهذا الملتقى الذي من الممكن ان يلعب دوراً محورياً في نزع فتيل هذه الازمة ، و ذلك لن يأتي إلا بتقوية التواصل مع الأطراف المعنية ، و محاولة زرع الثقة بينهم والعمل على إيجاد حلول جادة توقف آلة الحرب بصورة نهائية و نأمل على اقل تقدير أن يخرج المؤتمرون في بيانهم الختامي بإدانة صريحة تدين انتهاكات المليشيا ضد الشعب السوداني المكلوم ، و لكن هيهات ان تخرج منهم كلمة واحدة ، و الله المستعان .
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.