همس الحروف.. رسالة عاجلة إلى مكتب الناطق الرسمي بإسم قوات الشعب المسلحة. د. الباقر عبد القيوم

*أصدر مكتب الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة يوم الخميس ٢٥ يوليو ٢٠٢٤م تنويهاً ورد فيه أن موقع النورس نيوز الإلكتروني قام بنشر خبر غير صحيح منسوباً لمكتب الناطق الرسمي بشأن مفاوضات جنيف ، و قد أكد مكتب الناطق بعدم صحة هذا التعليق الذي ورد بالموقع ، و طالب مكتب موقع النورس نيوز بتحري المهنية والمصداقية في نقل الأخبار والتعليقات .و بمتابعتي لهذا الخبر الذي ورد في صيغة تعليق قام موقع النورس نيوز بنقله من وكالة “أسوشيتد برس” التي اوردت التعليق بهذه النص : (لم نتخذ قرارا بعد بشأن إرسال وفد إلى المحادثات) .سإبتدي من حيث إنتهى عنده تنوير مكتب الناطق الرسمي لقوات الشعب المسلحة الذي طالب فيه الموقع بتحري المهنية و المصداقية في نقل الأخبار ، فكيف يتسنى للناقل تحري ذلك في ظل البرود و عدم التجاوب في الوقت المحدد ، و ضنين المكتب بالمعلومات المهمة ، و هذا الأمر يعتبر من أوسع أبواب الفشل ، لأن معظم تصريحاته تأتي متأخرة عن مواكبة الأحداث في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا ، مع غياب تام للمهنية و الشفافية بسبب البروغراطية ، و هذا ما سيجعل الباب مشرعاً على مصراعيه أمام تفشي الشائعات بمختلف أنواعها .من أكبر المصائب التي تواجه الشعب السوداني هي تجاهل المسؤوليين بالدولة الرد على أسئلة و إستفسارات الصحافة و أصحاب الشأن حيال بعض القرارات المصيرية التي تمس حياة المواطنيين ، و قد يكون أيضاً عدم الرد نتيجة حالة جهل المسؤولين بأهمية المعلومة التي يخفيها عن الشعب ، و هذا الشيء من المؤكد ينزع الطمأنينه من المواطنين و يسمح للمحتوى الرقمي بالتوسع عبر التكهن و الاجتهادات الخاطئة في جلب المعلومات أو أخذها من مصادر أخرى ، و هذا ما يقودني إلى إصطحاب قصة إحدى قبائل الهنود الحمر ، و التي كانت تحتفل بزعيمها الجديد الذي سأله بعضهم من أجل معرفة حذاقته المهنية : كيف ستكون حالة الشتاء القادم ؟ و لكي يثبت رصانة توقعاته رغم جهله بتوقعات الطقس أجاب : نعم سيكون بارداً ، فبعد سماع الهنود الفتوى من زعيمهم بدأوا في جمع الحطب للتدفئة .بعد مدة وجيزة من الزمن و الزعيم متابعاً لقومه و هم يجمعون الحطب ، أراد أن يتيقن من صحة توقعاته ، فإتصل بهيئة الأرصاد الجوية وسألهم : كيف سيكون الشتاء القادم فأجابه الموظف : سيكون باردا جدا ؛ فجمع الزعيم رجال عشيرته و أخبرهم أن الشتاء سيكون أكثر برودة من السنوات الماضية ، فإجمعوا مزيداً من حطب للتدفئة ، و بعد فترة أخرى أراد الزعيم التيقن من صحة توقعاته التي لا تسندها أي معلومات ، فعاود الإتصال مرة أخرى بموظف الأرصاد ليطرح عليه نفس السؤال ، فأجابه الموظف : سيكون أكثر برودة من السنوات التي سبقت ، فسأله الزعيم و قال له كيف تعرفون هذه التوقعات و ما هي الآلية لمعرفة ذلك ؟ فأجابه : (أن الهنود الحمر يجمعون الحطب بصورة غير مسبوقة منذ زمن بعيد) .و من هنا تأتي رسالتي إلى العميد ركن نبيل عبد الله المتحدث الرسمي بإسم قوات الشعب المسلحة ، و الذي يتعين عليه ألا يكون كالمتحدثين الرسميين الذين يتوارون عن آلة الإعلام عند الأزمات و أوقات الحاجة لهم او الذين يفتون بدون علم ، فإن معظم الفشل الذي يقع على عاتق الناطقين له عدة أسباب نستطيع تلخيصها في ثلاث نقاط و هي عدم حصولهم على المعلومة الصحيحة من المسؤول ، أو عدم الإذن لهم بالحديث ، أو أن حالة المزاج العام لا تسمح لهم بذلك ، و من المؤكد أن تأخير المعلومة يخدم خط العدو أمام آله إعلامه الضخمة التي يمتلكها ، و لهذا يجب أن يعي المتحدث الرسمي خطورة صمته في مكان يكون فيه الحديث واجباً من أجل دحض الإشاعات ، و بتصريح صغير منه من منطلق صفته كمتحدث رسمي يمكن ان ينهي حالات كثيرة من التكهنات ، دون الحاجة لمعرفة رأي المسؤول الكبير الذي قد لا يكون سهلاً الاتصال به في وقت الضرورة . و نصيحتي للقائمين على الأمر أن يتم إختيار الناطق الرسمي على أسس أهمها أن يكون متخصصاً في الإعلام و مصقولاً بالخبرة الجيدة ، و التأهيل و التدريب الكافي ، و من جانب آخر يجب ان يعي الناطق دوره كاملاً تجاه ما أؤكل إليه من مهام ، و من هذا المنطلق على مؤسسات الدولة الإهتمام بأدارات العلاقات العامة و الإعلام و محاولة التخلص من العيوب و التشوهات التي تعاني منها هذه الإدارات و محاولة رفع إمكاناتها البشرية والمادية حتى يتسنى لها القيام بدورها كاملاً ، مع وضع الخطط و الاستراتيجيات لها ، و الاهتمام بأعلى معايير الجودة فيها ، و توفير سبل الاتصال الحديثة التي تركز على الجمهور و فن التعامل معه بصدق و شفافية .ورسالتي الأخيرة التي أختم بها ، و هي عبارة عن سؤال لمكتب الناطق الرسمي لقوات الشعب المسلحة : كيف تكون آلية التواصل مع المكتب حتى يسهل على الناقل تحري المهنية والمصداقية في نقل الأخبار ؟ .و الله من وراء القصد

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.