.. مخاوف من تمدد الحركات المسلحة في الولاية الشمالية*✍️ *د. الباقر عبد القيوم
همس الحروف
*الولاية الشمالية تعد من أهم ولايات السودان الغنية بالعديد من الموارد الطبيعية التي يمكن أن تكون ذات أهمية كبيرة من حيث التنمية الاقتصادية ، و كذلك ظل إنسان الشمال عبر الحقب التاريخية المختلفة معروفاً بتقبله و تعايشه السلمي مع مختلف القبائل و الثقافات من جميع أنحاء السودان ، مع ذلك يمكن أن تكون هنالك بعض التحديات أو التوترات التي يمكن أن تخلقها الظروف الطبيعية ، إلا أن القدرة العالية على التعايش السلمي و التفاهم تبقى هي القيمة الأساسية التي يحملها إنسان الشمال .و نجد أن إنسان الشمال قد قام بلعب دور محوري في نشر الوعي و المعرفة في مختلف أنحاء السودان عبر المؤسسات و هذه الإسهامات المعروفة تعكس دوره الريادي في تعزيز التعليم و نشر الوعي ، الشيء الذي مكنه من الإسهام المباشر في تعزيز التنمية الاجتماعية و الوطنية .خلال هذه الخمس العجاف من السنين سعت الحركات المسلحة جاهدة في السودان ، و بسعي حثيث إلى التوسع الجغرافي و محاولة مد نفوذها في الشمال و ذلك لتأمين قاعدة دعم لها بصورة أوسع ، من أجل تحقيق عدة أهداف من خلال إنتشارها في الولاية الشمالية ، و أبرز هذه الأهداف هي البحث عن الموارد الطبيعية التي تعتقد هذه الحركات أنها يمكن أن تساهم بها في دعم قضاياها أو تحقيق جزء من أهدافها ، وكذلك و يمكن ان تحقق الحركات من خلال هذا التوسع مكاسب على الصعيد العسكري بزيادة موارها البشرية من أجل تعزيز قوتها و نفوذها و ما يخدمها في ذلك هو تأثير الفقر على مواطن الشمال الشيء الذي يجعله أكثر عرضة للضغوطات و الإغراءات ، مما يجعل جميع مواطني الولاية يبحثون عن أي فرص لتحسين أوضاعهم المالية .، و ايضاً على الصعيد السياسي يمكن ان يشكل التوسع المشهد السياسي للحركات في المنطقة بإحداث تغيير في التوازنات الإقليمية من خلال إمتداد رقعة نشاطها في مناطق جديدة مما يحقق لها مكاسب إستراتيجية ، لأن جميع هذه الحركات بدأت كحركات مطلبية أو إحتجاجية تهدف إلى تحقيق مطالب محددة في أماكن محددة و هذه المطالب كانت تتعلق بالعدالة الإجتماعية و الحقوق الإقتصادية و المساواة السياسية ، و إقتسام الثروة بتوزيع عادل لهذه الموارد في المناطق المهمشة أو الأقل نصيباً من الخدمات الأساسية ، و نجد ذلك واضحاً في معظم مسميات هذه الحركات التي يحمل إسمها هذه المعاني ، و بمرور الوقت تطورت أهداف هذه الحركات و تغيرت بناءً على الظروف السياسية و المواقف العسكرية ، و بهذا نخلص إلى أن نشأة هذه الحركات كان غالباً مرتبطاً بقضايا مطلبية و تطلعات آنية كانت من أجل تحسين الأوضاع الإجتماعية المحلية و السياسية .الولاية الشمالية ولاية لا تعرف غير الإستقرار ، و لا توجد فيها مظاهر مسلحة و لا يحمل مواطنها أي سلاح ناري أو حتى سلاح أبيض ، و لهذا يأتي رفضنا بصورة قطعية في إعدام كافة المظاهر المسلحة في ولايتنا كرغبة قوية من أبناء هذه الولاية من أجل الحفاظ على الأمان و الاستقرار ، و تفادي المشاكل التي قد تنجم عن النشاط العسكري في هذه المناطق التي لم تتأثر من قبل بالنزاعات المسلحة ، و السؤال الذي يفرض نفسه ما هو الشيء الجديد الذي تريد أن تضيفه هذه الحركات إلى الشمال و إنسانه ، فالحركات المسلحة، بطبيعتها تعمل بشكل مختلف عن الأحزاب السياسية التي تتعامل مع القضايا من خلال الأطر القانونية و السياسية ، و لكن هذه الحركات المسلحة تعتمد على القوة العسكرية و النضال المسلح لتحقيق أهدافها ، الشيء الذي قد يخلق بيئة غير آمنة قد تتسبب في مشاكل اجتماعية و اقتصادية و خلق فوضى أمنية ، لأن أهداف هذه الحركات المسلحة مختلف تماماً عن اهتمامات السكان المحليين في الشمال ، مما يجعل التعاون أو التوسع غير ملائم و خصوصاً في هذا الظرف الإستثنائي من عمر بلادنا .نحن كشماليين نحترم قادة هذه الحركات ، و هذا جزء من التعامل الناضج مع القضايا السياسية على وجه العموم ، و لكن لدينا رغبة مشروعة في عدم فتح فروع لأي حركة مسلحة في الولاية الشمالية ، و خصوصاً اننا لم نسمع من قبل بأي كيان من كيانات الولاية الشمالية طالب بإنشاء فرع له في دارفور أو في أي مكان آخر ، و لهذا من الضروري إحترام هذه المخاوف و مراعاتها ، و العمل على تحقيق رغبتنا في ذلك ، و بصورة عاجلة ، و محاولة خلق توازن بين تلبية مطالب هذه الحركات و رغبتنا في رفض الوجود المسلح في ولايتنا ، مع مرعاة الحفاظ على ما يربطنا بقيادة هذه الحركات من علاقات أخوية قوية دون المساس بالحقوق و المصالح العامة ، و بدون أن تفسد رغبة الطرف المضيف للود قضية .
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.